يوسف الأسير
يوسف الأسير |
---|
طالع أيضاً...
|
السيرة في ويكيبيديا |
وسائط متعددة في كومنز |
الشَيخ العَلَّامَة أبو مُحمَّد يُوسُف بن عَبد القَادِر بن مُحَمَّد الحُسَينِي الأَسِير الصَّيدَاوِي الأَزْهَرِي الشَّافِعِي هو فقيه وفَرَضي وأديب وكاتب وشاعر ولُغوي وصحفي من أعلام النهضة العربيَّة أواخر العصر العُثماني. وُلد في مدينة صيدا الداخلة في نطاق إيالة عكَّا سنة 1232هـ المُوافقة لسنة 1817م حسب الزِّركلي، بينما حدَّد كحَّالة وجرجي زيدان سنة ولادته بأنَّها 1230هـ المُوافقة لسنة 1815م. نشأ في صيدا في كنف والده، وتلقَّى مبادئ العُلُوم، فختم القُرآن وهو في السابعة من عُمره، ثُمَّ اتَّجه إلى المدرسة المُراديَّة بدمشق ودرس بها حينًا قبل أن يعود إلى صيدا، ثُمَّ غادرها مُجددًا إلى القاهرة فأقام سبع سنين درس خلالها ودرِّس بالأزهر، واحتكَّ بعددٍ من مشاهير العُلماء والأعيان، ثُمَّ رجع إلى الشَّام ليشتغل بالتدريس والتأليف والقضاء والإفتاء، فتنقَّل بين صيدا وطرابُلس وبيروت، وتتلمذ على يديه بعض الأعلام الذين تبوَّأوا مناصب كبيرة لاحقًا، منهم يُوحنَّا الحاج الذي صار بطريقًا للموارنة، والمُطران يُوحنَّا الحبيب مُؤسس جمعية المُرسلين اللُبنانيِّين الموارنة، والمُستشرق الأمريكي الدكتور كرنيليوس ڤانديك، وغيرهم.
تولَّى الأسير مناصب رسميَّة وعلميَّة عدَّة خلال حياته، فعُيِّن رئيسًا لكُتَّاب المحكمة الشرعيَّة ببيروت، ثُمَّ عُيِّن مُفتيًا لمدينة عكَّا، ثُمَّ مُدعيًا عامًّا في جبل لُبنان، ووُلِّي القضاء في المتن وكسروان. وسافر إلى إستنبول عاصمة الدولة العُثمانيَّة، فعُيِّن رئيسًا لديوان التصحيح في نظارة المعارف وأُستاذًا لِلُغة العربيَّة في دار المُعلِّمين، ونال في أثناء إقامته بإستنبول مقامًا رفيعًا بين رجالها، وعرضوا عليه البقاء فيها وأن يتولَّى منصبًا رفيعًا، لكنَّ صحَّته لم تُسعفه فعاد إلى بيروت فكان مُعاونًا لقاضيها ومُدرِّسًا في بعض مدارسها، كمدرسة الحكمة والكُليَّة السوريَّة الإنجيليَّة وغيرها.
انكبَّ الأسير على التأليف عند عودته إلى بيروت، وكان اشتغاله غالبًا في الفقه واللُّغة، فألَّف كتابًا في الفقه سمَّاه «رائض الفرائض»، وشرح كتاب «أطواق الذهب في المواعظ» للعلَّامة الزمخشري، ونظم كثيرًا في القصائد طُبع منها جانبٌ كبير في ديوان (شعر)|ديوانٍ يُعرف باسمه، ونشر أبحاثًا كثيرةً في الصُحُف، وتولَّى رئاسة التحرير لجريدتيّ «ثمرات الفُنُون» و«لسان الحال» مُدَّة. ومن أعماله المشهورة خلال هذه الفترة مُعاونته الدكتور ڤانديك والشيخ ناصيف اليازجي في تعريب الكتاب المُقدَّس، ونظم ترانيم روحيَّة مسيحيَّة يترنَّم بها النصارى الإنجيليُّون في المعابد والمنازل.
تُوفي الأسير في بيروت يوم 6 ربيع الأوَّل 1307هـ المُوافق 28 تشرين الثاني (نوڤمبر) 1889م، ودُفن في جبَّانة الباشورة.
اقتباسات
[عدل]
«إنَّنَا لَو وَجَدنا هَذا القُرآنَ في البَريَّة لَمَا شَككنَا أنَّهُ مِن عِند الله تعالى.»
- مُقتبس من كتاب مراثي الشيخ يوسف الأسير للشيخ إبراهيم الأحدب.[1]
«…والأَسير هُوَ الأَخِيذ، فهُوَ فَعِيل بِمَعنَى مَفعُول، وإنَّمَا لُقِّبَ بِذلِك لِأنَّ الإفرَنج أَسَرُوا جَدِّي أَيَّامَ حَرب مَالطَة من سَفِينَتِه، وَقَد أَقَامَ بِهَا بُرهَةً، ثُمَّ عَادَ لِبَلَدِه حُرًّا طَلِيقًا وَأًخبَرَ بِمَا رَآهُ مِن أَهْلِهَا. وَالأَزهَرِي نِسبَةً لِلأَزهَر، وَهُوَ الجَامِع الذي بَنَاهُ جَوهَر، قَائِد المَلِك المُعِز الذي افتَتَح مِصْرَ، وَإنَّما نُسِبتُ إلَيهِ لأَنَّني قَبَستُ مِن نُورِه، حِينَ جَاوَرتُ فِيهِ…»
- مُقتبس من كتاب «شرح رائد الفرائض».[2]
«لا يُخفَى أنَّ طَاعَة السُلطَان من طَاعَة الرّحمٰن، فَإذَا عَدَل كَان لهُ الأَجر وَعَلَىٰ الرعيَّة الشُكر، وَإذَا جَارَ كَانَ عَليهِ الإِصْر وَعَلَىٰ الرعيَّةِ الصَّبر. وَقَد قِيلَ الدُعاء لِلسُلطَان من أَعظَم العِبَادَات لأَنَّهُ من النَّفع العَام... وَفَسَادُ الرعيَّةِ بِلا سُلطانٍ كفَسَادِ الجسمِ بلا رُوح، وهُوَ في النَّاسِ كالرَّأسِ في الجَسَد... كَمَا يجبُ عَليهِ مُرَاعَاة أَحوَالِهم وَإنجَاحِ أَعمَالِهم...»
- من مقالٍ كتبه في جريدة ثمرات الفُنُون.[3]
«...وَمِن تِلكَ المَطَالب قَضيَّة إعطَاء المَأمُورِيَّات لِأهلِها دِرَايةَ وَعِفَّة وَقُدرَةً عَلَىٰ إجرَاءِ الأَوَامِر مَع امتِدَاد مُدَّة المَأمُور لِيُتِمَّ بِنَاء مَا شَرَع فِيه وَوَضع أَسَاسه في مَأمُورِيَّته بِحيثُ يَكون كُلَّ مَأمُور أيًّا كَان قَارًّا في وَظيفَته لَا يُرفَعُ مِنهَا بِلا مُوجِب... وَلَا أضَر عَلَىٰ المَلك والرَّعَايَا من تَبديل المَأمُورين النَّاصِحين لِلدولَةِ وَالمِلَّة بِلا مُوجِب...»
- من مقالٍ كتبه في جريدة ثمرات الفُنُون.[4]
«وَمِن تلكَ المَطَالِب أَيضًا تَأكِيد الأَمر بِنُمُوِّ الفُنُونِ والمَعَارِف وازدِيَادِهَا نَظَرًا لِاستِعدَاد الرَّعَايَا التَّام لِقَابِلِيَّة التَحَلِّي بِهَا لِمَا فُطِرُوا عَليهِ من الذَكَاء المُفرِط والفطَن الوَقَّادَة. وَلَا يَخفَى أَنَّ انتشَار المَعَارِف وَالفُنُون حَاصِلٌ بِالفِعل في جَمِيع المَمَالك المَحرُوسَة والمَطلُوب ازدِيَاد ذَلِك والاجتِهَاد بِإبلَاغِه إلىٰ أَعلَىٰ دَرَجَةٍ وَتَعميم نَشر أُصُول المَعَارِف فَورًا...»
- من مقالٍ كتبه في جريدة ثمرات الفُنُون.[5]
«...وَمِن ذلِكَ الحَث عَلَىٰ اتِّخَاذ الصَنَائِع وَالتِجَارَة وَالزِّرَاعة ممَّا نَفعُه العَام لِتقدُّم الرعيَّةِ مشهُور وَهُوَ في الدَرَجَةِ الأُولىٰ من مَقَاصِد الدُّوَل العَظِيمَة»
- من مقالٍ كتبه في جريدة ثمرات الفُنُون.[5]
قيل عنه
[عدل]- مارون عبُّود.[6]
«كَانَ شَيخَنَا خَفيف الرُّوح، يُستَطرَف مَجلِسُه ويُستَظرَف»
- يُوسُف إليان سركيس.[7]
«وَكَانَ عَلَىٰ جَانبٍ عَظيمٍ من الرِّقَّةِ والدِّعَة وحُسن المُعَاشَرَة زَاهدًا في الدُّنيَا»
- لويس شيخو.[8]
«وَكَانَ زَكيّ الفُؤَاد فَصيحَ اللِّسَان يُجيدُ النَّثرَ والنَّظم»
- مُحمَّد عبد الجوَّاد القاياتي.[9]
«الأُستَاذ الكَبِير والعَلَّامَة النَّحرِير وَالعَلَم الشَّهِير في التَّحقِيق وَالتَّحرِير»
- يُوسُف أسعد داغر.[10]
«كَانَ ذَكِيَّ الفُؤاد، دَقيقَ الانتِقَاد، ثقةً في العُلُوم العَرَبيَّة والفِقهِيَّة»
- جرجي زيدان.[11]
«كَانَ صَادقَ الوَعد قَوِيّ الذَّاكِرَة إذَا سُئِلَ أَجَابَ في أيِّ مَوضُوعٍ كَان مَع تَقرِيب المَوضُوع من ذهن السَّامع بِبسيط العِبَارَة، وَكَانَ عَلَىٰ جَانبٍ عظيمٍ من الرِّقَّةِ والدِّعَة وَلين الجَانِب وحُسن المُعَاشَرَة يُحبُّ العِلم والعُلَمَاء وَيَأخُذ بِنَاصرهم… سَالِكَا مَسلَك الأَقدَمين في حُبِّ العِلمِ والرَّغبَةِ في نشرِه ابتِغَاءَ الفَائِدَة العَامَّة. وَكَان لحُسنِ عَقيدَته رَاغِبًا عن الدُنيَا زَاهدًا فِيهَا ثَابِتًا في اتِّبَاع فُرُوض الدِّين لا يَستَنكِف من حملِ حَاجِيَّات بَيتِه الضَّروريَّة بِنَفسِه، وكَانَ كَثيرَ الشَّغَفِ بِتلَاوَة القُرآن الكَرِيم أو سَمَاعِه كُل يَوم»
- فيليپ دي طرازي.[12]
«وَقَد تَوفَّاه الله في ٢٨ تِشرِين الثَّاني ١٨٨٩م/١٣٠٧هـ مَشكُورًا بِكُلِّ لِسَانٍ لِرقَّة أَخلَاقه وَزُهدِه في حُطَام الدُّنيَا وَحُبِّه لِنَشر المَعَارِف»
المراجع
[عدل]- ↑ إبراهيم الأحدب (د.ت). مراثي الشيخ يُوسُف الأسير. بيروت: مجهول. صفحة 2.
- ↑ يوسف الأسير (1900). شرح رائد الفرائض. بعبدا: المطبعة العثمانية. صفحة 5.
- ↑ يوسف الأسير (5 جُمادى الأولى 1292هـ = 8 حُزيران [يونيو] 1875م). نبذة في مدح السلطنة والوزارة. بيروت: جمعيَّة الفُنُون. صفحة 4. تمت أرشفته من الأصل في 2023-11-18. اطلع عليه بتاريخ 19 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2023.
- ↑ يوسف الأسير (10 رمضان 1293هـ = 28 أيلول [سپتمبر] 1876م). ثمرات. بيروت: جمعيَّة الفُنُون. صفحة 4. تمت أرشفته من الأصل في 2023-11-19. اطلع عليه بتاريخ 19 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2023.
- ↑ 5٫0 5٫1 يوسف الأسير (10 رمضان 1293هـ = 28 أيلول [سپتمبر] 1876م). ثمرات. بيروت: جمعيَّة الفُنُون. صفحة 3. تمت أرشفته من الأصل في 2023-11-19. اطلع عليه بتاريخ 19 تشرين الثاني (نوڤمبر) 2023.
- ↑ مارون عبود (1952). رواد النهضة العربية. بيروت: دار العلم للملايين. صفحة 76.
- ↑ يُوسُف إليان سركيس (1952). معجم المطبوعات العربية والمعربة: وهو شامل لأسماء الكتب المطبوعة في الأقطار الشرقية والغربية مع ذكر أسماء مؤلفيها ولمعة من ترجمتهم وذلك من يوم ظهور الطباعة الى نهاية السنة الهجرية 1339 الموافقة لسنة 1919 ميلادية. 1. القاهرة: مكتبة سركيس. صفحة 449.
- ↑ لويس شيخو (1909). الآداب العربية في القرن التاسع عشر. 7. بيروت: دار المشرق. صفحة 542.
- ↑ محمد عبد الجواد القاياتي (1981). نفحة البشام في رحلة الشَّام. بيروت: دار الرائد العربي. صفحة 18.
- ↑ يوسف أسعد داغر (1956). الفكر العربي الحديث في سير أعلامه الرَّاحلون (1800 - 1955). بيروت: جمعية أهل القلم في لبنان. صفحة 123.
- ↑ جرجي زيدان (1970). تراجم مشاهير الشرق في القرن التاسع عشر. 2. بيروت: دار مكتبة الحياة. صفحة 123.
- ↑ فيليپ دي طرازي (1970). تاريخ الصحافة العربيَّة (PDF). وندزر، بيركشاير: مؤسسة هنداوي. صفحة 207.