انتقل إلى المحتوى

حفني ناصف

من ويكي الاقتباس


حفني ناصف
(1855 - 1919)

حفني ناصف
حفني ناصف
طالع أيضاً...

السيرة في ويكيبيديا


فني (محمد حفني) بن إسماعيل بن خليل بن ناصف، ولد في بركة الحج، مصر. أديب وقاض بارز وشاعر ذو بلاغة، درس في الأزهر وتقلد مناصب تعليمية وقضائية. ساهم في الثورة العرابية بخطبه وكتاباته، واشتهر باسم إدريس محمدين في الصحافة. زار عدة دول أوروبية وشارك في تأسيس الجامعة والمجمع اللغوي. تميّز أسلوبه الشعري بالابتعاد عن المدح والفخر. توفي بالقاهرة وله مؤلفات في اللغة والأدب.

قيل عنه

[عدل]

ذكر الشيخ الأديب علي الطنطاوي في كتابه "ذكريات علي الطنطاوي" أن كتاب قواعد اللغة العربية لحفني ناصف وآخرين كان هو الكتاب المقرر عليهم سنة (١٩٢٣ م) وأثنى عليه بقوله:[1]

وهذا الكتاب يغني الطالب بل المدرس بل الأديب عن النظر في غيره وهو أعجوبة في جمعه وترتيبه وإيجاز عبارته، واختياره الصحيح من القواعد وهو أصح وأوسع من شذور الذهب ، ومن ابن عقيل.


وقال عنه عباس العقاد، في كتابه "شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي":[2]

كان فَكِهَاً سريع الخاطرة في النكات البادرة، حافظاً لنوادر الظرفاء وأخبار السلف الصالحين وغير الصالحين، وكان فوق ذلك عالماً باللغة راوياً للأشعار، ناظماً يجيد النظم ويأتي فيه بالمعاني الطريفة والفكاهات المستملحة ... وقد كان لحفني ناصف من المآثر على اللغة ما هو حسبه وحسب كل فاضل يؤدي ما عليه من فريضة لقومه وللمعرفة والثقافة، وما من طالب في زماننا ولا في الجيل الماضي إلا وهو مدين للرجل ببعض معرفته وثقافته وشاكر له حظاً من معلوماته ودروسه".

اقتباسات

[عدل]

تُعبر هذه الأبيات عن معاناة طلاب العلم في مصر، وعن الحاجة إلى التضامن والمساعدة في الأوقات الصعبة:[3]

عرضت على ذات الدلال صبابتي
أليس عجباً أن يعضّهم الطوى
وهُم في بقاعِ النيل بين بني مصرِ
أتَوا من ديار الشام يغترفون من
مناهل علمْ الأزهر الفائضِ القَدْرِ
وكان ذووهم يبعثون لهم بما
يموّنهم في كل شهرين أو شهرِ
فمدّت إليهم هذه الحرب بأسها
وسدّت عليهم مهيعَ البرّ والبحرِ
فلا يستطيعون الرجوعَ لدارهم
ولا يستطيعون المُقامُ على الضرِ
فإن يقضِ نحباً ساغبٌ في دياركم
فوا لعصر إنّ القُطر هذا لفي خُسرِ

هذا الاقتباس يبرز قيمة الفكر والعلم على المظهر الخارجي والرتبة الاجتماعية، حيث أن الفخر الحقيقي ينشأ عن الفضائل والخُلُق:[4]

المرء بالفكر لا باللحية الطولي
المرء بالفكر لا باللحية الطولَي
والفخر بالفضل لا بالرتبة الأولى
وبالخلائق تمتاز الخلائق لا
بشارة تجعل المعلوم مجهولا

يستعرض الشاعر في هذه الأبيات تناقضات الزمن وأمله في استعادة الشرق لمجده وسط تحولات الحياة:[5]

للدهر في مسراه سر غريب
للدهر في مسراه سرٌّ غريبْ
يحفي على غير الأديب الأريبْ
يقبل لكن بعد إدباره
واليسر بعد العسر طبعاً يطيب
لو لم يروّعك بقبح الخطَا
ما كنت تدري صفوه إذ يصيب
حسْب الليالي منك يا شرق أن
أصبحتَ في حال المهين الكئيب

تتحدث هذه الأبيات عن الخسارة والفقدان وتأثير الزمن القاسي على قوة وإرادة الإنسان، معبرًا عن الحزن والأسى جراء فقدان الأصدقاء والأحبة:[6]

كنت في مصر قوة ذات بال
عُطلّت فجأة وزالت كأن لم
تكُ بالأمسِ في ثباتِ الجبال
كيف خانتك يا عليَّ المنايا
واستطالت إليك أيدي الزوال
أين ما يذكرونه من حذار
ودهاء وقدرة واحتيال
بنت عنا وقد تركت فراغاً
هو حتى يشاء ربك خالِ

يعكس هذا الاقتباس الشعور بالفقدان والحزن على فقدان صديقٍ عزيز، متأملاً في القبور والوحدة بعيداً عن المنازل المزينة ومخاطر الحياة:[7]

بربك يا زيدان هل كنت تعلم
فأبغضت ظهر الأرض واعتضت بطنها
ألا إن بطن الأرض أنجىَ وأسلمُ
وعفتَ قصوراً بالمصابيح زُينت
وراقك قبر في البلاقع مظلم
وما حُسْن قصر كلّ من فيه خائف
بجانب قبر فيه بيت محرّمُ
أنِست بمن تحت الثرى حامدَ السُّرى
وألهاك عنا عبدُ ضحم وجُرْهم

هذا المقتطف يلتقط عمق الفجوة بين الحياة والموت، حيث يعبر عن الانقلاب الدرامي من الجمهور المعجب إلى الفجيعة، عاكسًا حزن الفراق والموت المفاجئ:[8]

بالأمس كان خطيبنا بالنادي
بالأمس كان خطيبَنا بالنادي
واليومَ مصرعُه حديث الوادي
أنحيطُ في النادي بمنبرهِ دجىً
والصبحُ نحملهُ على الأعوادِ
تصفيق إعجابٍ تحوّل فجأةً
لطماً بأيدٍ جئن بالأضدادِ
أمست بمرآهُ العيونُ قريرة
وغدت أسى بِنَواه رهن سهادِ

يضم هذا المقتطف وصفاً مؤثراً لمشاعر المسلمين بعد فقدان القائد الملهم، ويعبر عن حالة من الحزن والضياع الجماعي:[9]

لم لا تجيب وقد دعوت مرارا
مات الإمام فيا سماء تفطري
فلذاً وطيري يا بحار بخارا
وتصدعي يا أرضُ وانضب فجأة
يا نيلُ وأمطر يا سحابُ حجارا
وقفي مكانَكِ يا كواكبُ واسقطي
كسفاً وخرّي يا جبالُ نِثارا
وذرِي رحابَ الجو تبعث صرصراً
يا ريحُ وأسري بيننا إعصارا

الأبيات المختارة تجسد الفخر بالفضائل الشخصية والخلقية للفقيد وتأثيره الكبير الذي امتدّ على مصر وأبنائها:[10]

حق على شعراء مصر رثاكا
والحرُ لا يرضى الدنايا مركباً
ويرى البقاء مع الهوان هلاكا
فالمال يفنى والمناصبُ تنقضي
والمجد ما تبقيه بعد فناكا
ذهبتْ كأنَ لم تغْنَ أيامَ بها
كانت تدير نظام مصرِ يداكا
وجحافلُ في طولِ مصر وعرضها
كانت تساقُ إلى الوغى بنداكا

تظهر الأبيات المختارة فخر الشاعر بشجاعته وثباته أمام تقلبات الزمان، مؤكداً على قدرته في السيطرة على الأحداث وفرض إرادته:[11]

غيري إذا أغبر وجه الدهر يحذره
غيري إذا أغبرّ وجهُ الدهرِ يحذرُه
وإن تغيَّرَ يعنيه تغيُّرهُ
ما الدهرُ أمرٌ له بال فأرهبه
مثلي إذا شاء ينهاهُ ويأمرهُ
يقضي بما شاء لا أخشى عواقبهُ
ولا يكدرني منه تكدرهُ
ولا إذا طرقتْ قلبي حوادثُه
يهتز منهن أو يفنى تصبرهُ
والحرّ كالتبر مهما كان موضعه
فليس يصدأ بالأعراض جوهره

يعبّر الاقتباس عن تناقضات الشوق والبرد في قلب الشاعر، حيث تجمع الأضداد في تجربة وجدانية مميزة:[12]

سلام رق رونقه
فواعجباه من جسمي
تلاقى الضد بالضدِ
ونار الشوق تصليهِ
ولكن مات من بردِ
وقرّ القرّ بي لكن
يداوي البردَ بالبُرْدِ
أليس جنابكم يدري
بأن البرد قد يردي

هذه الأبيات تعبّر عن الفخر والاعتماد على قوة الجماعة وعلو الهمة التي تفوق الصعوبات:[13]

لماذا أهاب الضيم أو أرهب الدهرا
لماذا أهابُ الضيم أو أرهب الدهرا
وهمتكم تعلو على المشترِي قَدْرا
ولي ذمة منكم مؤكدةُ العرى
وقوة آمال بآلائك الغَرا
ولي أن أباهي رفقتي حيث وجهت
عنايتكم نحوي وأن أزدهي فخراً

في هذا الاقتباس يعبر الشاعر عن الندم والتأمل في الأفعال الماضية، والتطلع إلى المستقبل بأمل وثقة في العفو والرحمة:[14]

عفا الله عني ما الذي كان من أمري
عفا الله عني ما الذي كان من أمري
فيذهب من تذكار غايتهُ فكري
وماذا جنيت اليومَ حتى يخونني
لساني انطلاقاً أو يضيق له صدري
وما لي على نفسي أضيّق سبْلها
وأخشى عليها من محارفة الدهرِ
أما لي آمال بمن عمّ عفوه
وعادتهُ الصفح الجميل عن الوزرِ
حليف العلا قدري ومن حالف العلا
تجل مزاياهُ عن العدِّ والحصرِ

هذه الأبيات تمجد شخصية كريمة وذات رفعة تفيض بالبر والإحسان، وتجعل منها مصدر أمل للناس:[15]

إليك عميد القوم أمري أرفع
إليك عميدَ القومِ أمريَ أرفعُ
فأنت أجلّ الناسِ قدراً وأرفع
وأحسنهم خلْقاً وبراً ورأفةً
وعندكَ آمالُ الورى لا تضيّع
وأنت إذا ضاق الزمانُ على الفتى
لأطيب صدراً في الأنامِ وأوسع
ولا غرو في أن فاض برك للورى
فإنكَ للخيراتِ لا شك منبع

هذا اقتباس يجسد رجاء الشاعر في استكمال خدمته لوطنه من أجل تأمين مستقبل أبنائه، جامعًا بين الحس الوطني ومتطلبات الحياة الشخصية:[16]

صاحب الدولة يا شيخ الوزاره
نالها قبلي الوفٌ لم أكن
دونهم علماً ولا أدنى إدارهْ
وإذا لم يشكُ مثلي علةً
هل من الحكمة أن يلزم دارهْ
إنّ تركي خدمةَ الأوطان معْ
طول ما مارستُ في الدنيا خسارهْ
وحياتي كلها قضّيتها
تارةً في العدلِ والتعليمِ تارهْ

تستعرض هذه الأبيات حكمة الحاكم العادل وبين مسار الاعتدال الذي يتبعه لتحقيق العدالة والتقدم:[17]

لم ينلها سواك من أهل مصر
لا تكن ليناً فترمي بضعف
لا ولا جافياً فترمي بكبرِ
بين هذا وذاك نهج حميد
آمنٌ من يجوزه كلّ شرِ
إن عبئاً كما حملت عظيم
فالقَ أعمالَه بواسع خُبرِ
لا تدع للعدو فيك مجالا
لكلامٍ ولا مساغاً لمكرِ

هذه الأبيات تستحضر الشوق والفراق والتأمل في زمان مليء بالشر والمصائب:[18]

أهدي إلى روض السلام
قد طال بي الفراقُ
وازدادت الأشواق
قل لي فدتك نفسي
كيف مزاج الشمس
وكيف حال البدر
وضوء ذاك الثغر
يا روض قد أذكرتَني
أفعال هذا الزمنِ

مراجع

[عدل]
  1. علي الطنطاوي : الذكريات ج ١ ، ص ١١٥
  2. عباس العقاد: شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي، ص ٢٢ - ٢٩.
  3. قصيدة "عرضت على ذات الدلال صبابتي" من تأليف الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  4. قصيدة "المرء بالفكر لا باللحية الطولي" من إبداع حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  5. قصيدة "للدهر في مسراه سر غريب" من كتابة حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  6. قصيدة "كنت في مصر قوة ذات بال" من إبداع حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  7. قصيدة "بربك يا زيدان هل كنت تعلم" للمؤلف حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  8. قصيدة "بالأمس كان خطيبنا بالنادي" بقلم حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  9. قصيدة "لم لا تجيب وقد دعوت مرارا" من قصائد الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  10. قصيدة "حق على شعراء مصر رثاكا" من إبداع حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  11. قصيدة "غيري إذا أغبر وجه الدهر يحذره" للكاتب حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  12. قصيدة "سلام رق رونقه" من كتابة حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  13. قصيدة "لماذا أهاب الضيم أو أرهب الدهرا" من قصائد الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  14. قصيدة "عفا الله عني ما الذي كان من أمري" من قصائد الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  15. قصيدة "إليك عميد القوم أمري أرفع" من قصائد الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  16. قصيدة "صاحب الدولة يا شيخ الوزاره" من قصائد الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  17. قصيدة "لم ينلها سواك من أهل مصر" من تأليف الشاعر حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان
  18. قصيدة "أهدي إلى روض السلام" للمؤلف حفني ناصف. تم الإطلاع عليها بتاريخ 10 أكتوبر 2025 من موقع الديوان