ابن رشيق القيرواني

أبو علي الحسن بن رشيق القيرواني (390-456 هـ)، كاتب وناقد وشاعر، اشتهر بكتابه 'العمدة' عن صناعة الشعر. وُلد بالمسيلة، وانتقل إلى القيروان حيث برز في الأدب والشعر، ثم عاش في صقلية حتى وفاته.

اقتباسات

هذه الأبيات تعبر عن العشق المكتوم وآلام الحب غير المتبادل:

أهواك إلا أنني أكتم

أَهْوَاكَ إِلاَّ أَنَّني أَكْتُمُ

وَقَلْبُ مَنْ يَهْوى كَما تَعْلَمُ

وَكَيْفَ أشْكُو حُرُقاتِ الْهَوى

وَأَنْتَ لا تَرْثي ولا تَرْحَمُ

كَذا بلا ذَنْبٍ وَلا زَلَّةٍ

يُقْتَلُ هذا الرَّجُلُ المُسْلِمُ

إِنْ كُنْتَ لا تَرْضى بِقَتْلِ امْريءٍ

مِنْ أَيْنَ في خَدِّكَ هذا الدَّمُ

هذه الأبيات تصف حال من يسعى لتحقيق حاجات بعيدة المنال بغير صبر أو تخطيط:

وطالب حاجة بعيدا

وَطالِبٍ حاجَةً بَعيداً

مَنالُها مِنْ يَدي مُرامهْ

عَرَّضَ بالإِقْتِضاءِ فيها

وَما انْقَضى مُنْتَهى كلامِه

كَغارِسٍ في الثَّرى نَواةً

لِيَأْكُلَ التَّمْرَ في مُقامِهْ

يصف المقطع كيف يكون الألم من الخيانة والظلم، مستخدمًا تشبيهًا مؤلمًا للسهم الذي يخترق القلب:

رماني فأصماني وأعرض كي أرى

رَماني فأَصْماني وَأَعْرَضَ كَيْ أَرى

بأَنَّ الفَتى لا يَسْتَحِلُّ دَمي ظُلْما

كَما أَقْصَدَ الرَّامي بسَهْمٍ رَميَّةً

فأَثْبَتَ فيها النَّصْلَ وَانْتَزَعَ السَّهْما

هذا الاقتباس يعبر عن الحزن واللوم بسبب الفراق وفقدان الذكريات الجميلة:

أرغبتم عني بأنسكم

أَرَغِبْتُمُ عَنِّي بِأُنْسِكُمُ

وَحَرَمْتُموني طِيبَ أَمْسِكُمُ

إِنْ كُنْتُ لَمْ أَحْضُرُ لِعُرسْكُمُ

فَلَقَدْ حَضَرْتُ طلاقَ عِرْسكُمُ

هذا الاقتباس يعبر عن ألم الحب وما يمكن أن يسببه من حرقة داخل القلب:

رمى حر قلبي بأجفانه

رَمَى حَرَّ قَلْبي بأَجْفانِهِ

رَشا ما دَرى قَدْرَ ما قَدْ رَمى

وَقَدْ كانَ قَدَّمَ إِحْسانَهُ

وَلكِنَّهُ قَدَّ ما قَدَّما

وَهَدَّمَ بُنْيانَ صَبْري بِهِ

فما أَحَدٌ هَدَّ ما هَدَّما

يحتفي الشاعر بجمال محبوبته ويقارنها بأنقى وأصفى الصور الطبيعية، معبراً عن امتناعه عن عبادة الجمال رغم جاذبيته:

ذمت لعينك أعين الغزلان

ذُمَّتْ لِعَيْنِكَ أَعْيُنُ الْغِزْلانِ

قَمَرٌ أَقَرَّ لِحُسْنِهِ الْقَمَرانِ

وَمَشَتْ ولا واللهِ ما حِقْفُ الْنَّقا

مِما أَرَتْكَ وَلا قَضيبُ البانِ

وَثَنُ الْمَلاَحةِ غَيْرِ أَنَّ ديِانَتي

تَأْبى عَليَّ عِبادَةَ الأَوْثان

يمثل هذا الاقتباس مشاعر الفخر والسعادة بماضي كيروان الزاهر الذي اتسم بالعلم والإيمان والفضائل:

كم كان فيها من كرام سادة

عُلَماءَ إِنْ سَاءَلْتَهُمْ كشَفُوا الْعَمَى

بِفَقاهةٍ وَفَصاحَةٍ وَبَيانِ

وَإِذا الأْمُورُ اسْتَبْهَمَتْ وَاسْتَغْلَقَتْ

أَبْوابُها وَتَنازَعَ الْخَصْمانِ

حَلُّوا غَوامِضَ كُلِّ أَمْرٍ مُشْكِلٍ

بِدليلِ حَقٍّ واضِحِ البُرْهانِ

هَجَروا المَضاجِعَ قانِتينَ لِرَبِّهِمْ

طَلباً لِخَيْرِ مُعَرَّسٍ وَمغانِ

وَإِذا دَجا اللَّيْلُ البَهيمُ رَأَيْتَهُمْ

مُتَبَتِّلينَ تَبَتَّلَ الرُّهْبانِ

في جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ أَكْرَمِ مَنْزِلٍ

بَيْنَ الْحِسانِ الْحُورِ وَالغِلْمانِ

تجسد هذه الأبيات خيبة الأمل وجسامة التوقعات التي لم تُلبى، حيث يعبر الشاعر عن خذلانه عندما لم يتحقق وعد الانتظار الطويل:

إذا أقبلت أقعت وإن أدبرت كبت

فَساوَفْتَ بي الأَيَّامَ حَتَّى إِذا انْقَضَتْ

أَواخِرُ ما عِنْدي قَطَعْتَ رَجائِيا

وَكُنْتُ كأَنِّي نازِفُ البِئْرِ طالِباً

لأِجْمامِها أَوْ يَرْجِعَ المَاءُ صافيا

فلا هُوَ أَبْقَى ما أَصابَ لِنَفْسِهِ

وَلا هِيَ أَعْطَتْهُ الَّذي في ناظِرَيْهِ

يُعبّر الاقتباس المختار عن السحر والجمال اللذين تملكان قلب الشاعر في تجربة حب تتأرجح بين الافتتان والشكوى:

عيناك أمكنت الشيطان من خلدي

عَيناكَ أَمكَنَتِ الشَيطانَ مِن خَلَدِي

إِنَّ العُيونَ لَأَعوانُ الشَياطِينِ

كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَطويّاً عَلى حَرَقٍ

أَشكُو إِلى النجمِ حَتّى كادَ يَشكُوني

ياما أُمَيِلحَهُ ظَبياً فُتِنَتُ بِهِ

وَأَيُّ خَلقٍ بِظَبيٍ غَيرُ مَفتُون

فُتُونُ عَينَيكَ تَنهاني وَتَأمُرُني

وَوَردُ خَدّيكَ يُغري بِي وَيُغرِيني

هذه الأبيات تتحدث عن حتمية الموت وفقدان الشخص الكريم الذي كان يُعتبر ملاذاً للمحتاجين والمعوزين:

الله باق وكل هالك مودي

اللهُ بَاقٍِ وَكُلُّ هَالِكٌ مُودِي

وَالمَوتُ لَيسَ عَلَى حَالٍ بِمَردُودِ

فَأَيُّ حَظٍّ مِنَ المَعرُوفِ مُنقَطِعٍ

وَأيُّ رُكنٍ مِنَ الإِسلاَمِ مَهدُودِ

أودَى ابنُ عَبَّاسٍ الثَّانِي وَوَارِثُهُ

دُنيَا وَعِلماً وَفَضلاً غَيرَ مَجحُودِ

فَليَبكِهِ كُلُّ مَلهُوفٍ لِحَاجَتِهِ

وَكُلُّ مُعفىً عَنِ الأبوَابِ مَطرُودِ

هذا الاقتباس يجسد المشاعر العميقة تجاه الحب وما يرافقه من تأثير حتمي يلغي العقل والمنطق:

عيناك أمكنت الشيطان من خلدي

عَينَاكَ أمَكَنَتِ الشَّيطَانَ مِن خَلَدِي

إنَّ العُيُونَ لأَعوَانُ الشَّيَاطِينِ

كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَطوِيَّا عَلَى حَرَقٍ

أَشكُو إلَى النَّجمِ حَتَّى كَادَ يَشكُونِي

يا مَا أُمَيلَحَهُ ظَبيٌ فُتِنتُ بِهِ

وَأيُّ خَلقٍ بِظَبيٍ غَيرُ مَفتُونش

أمَا لَئِن بِعتُ دِينِي وَاشتَرَيتُ بِهِ

دُنيَا لَمَا بِعتُ فِيكَ الدِّينَ بِالدُّونِ

أستَغفِرُ اللهَ لاَ وَالله مَا نَفَعَت

فِي سِحرِ مُقلَتِهِ آيَاتُ يَاسِينٍِ

هذه الأبيات المؤثرة تعكس قوة السحر العاطفي في العيون وكيف تجعل المحب أسيرًا لها، مهما حاول الفرار:

عيناك أمكنت الشيطان من خلدي

عَينَاكَ أمَكَنَتِ الشَّيطَانَ مِن خَلَدِي

إنَّ العُيُونَ لأَعوَانُ الشَّيَاطِينِ

كَم لَيلَةٍ بِتُّ مَطوِيَّا عَلَى حَرَقٍ

أَشكُو إلَى النَّجمِ حَتَّى كَادَ يَشكُونِي

فُتُونُ عَينَيكَ تَنهَانِي وَتأمُرُنِي

وَوَردُ خَدَّيكض يُغرِي بِي وَيُغرِينِي

أستَغفِرُ اللهَ لاَ وَالله مَا نَفَعَت

فِي سِحرِ مُقلَتِهِ آيَاتُ يَاسِينٍِ